لويس باستور
(( ان اكتشافات باستور تساوي المليارات الخمسة التي دفعتها فرنسا غرامة لألمانيا بعد خسارتها في حرب السبعين )) .
تنعم البشرية اليوم بنعم شتى ، بعد ان سخر الانسان قوى الطبيعة لخدمته ، وكشف من اسرارها ما كشف ، فسهلت حياته وقلت متاعبه وتحقق بعض احلامه ، وكل ذلك بفضل رجال قلائل ، وهبوا المقدرة والذكاء ، واخلصوا الجهد والعمل ، ووقفوا حياتهم في سبيل خير الانسانية وتقدمها ، ومن هؤلاء … العالم الفرنسي " لويس باستور " .. مكتشف الجراثيم ومخفف الام البشرية .
كان باستور من اشهر علماء القرن التاسع عشر ، واعمقهم اثرا ، واكثرهم جلدا على العمل ، فكان شعاره طوال حياته .. العمل .. العمل ، وكان رجلا دمث الاخلاق ، لين العريكة ، متواضعا محبوبا .
ولد لويس باستور عام 1822 م ، من اسرة عادية متواضعة ، ولما اتم دراسته الابتدائية ، دخل مدرسة المعلمين في باريس ، غير ان صحته ساءت فلازم البيت .
ولما استرد عافيته ، عكف على العلم والتحصيل ، وأتجه بشكل خاص الى دراسة الطبيعيات والكيمياء ، الى ان نجح في نبل الشهادة العليا فيهما .
وقد عمل في هذا المجال ، واشتهر بالجد والاتزان في دراساته وابحاثه ، الى ان كلف يوما ان يبحث عن اسباب تاخر نمو دود القز وموته مبكرا ـ في وقت كان دود القز والحرير المستخرج منه يمثل موردا ماليا عظيما لفرنسا ـ ، فعكف على دراسة هذا الموضوع سنوات عديدة ، مستفيدا من الاختراع الذي كان قد دفع بالعلم خطوات الى امام … المجهر … او المكروسكوب .. الى ان اكتشف ان السبب هو وجود اجسام دقيقة جدا ـ ولم تكن تسمية الجراثيم وقتها معروفة ـ ، وان هذه الاجسام تصيب دودة القز في مراحلها الاولى وتنمو معها الى ان تصيب الفراش .
ولما عرض نتائج اعماله على المجمع العلمي الفرنسي ، عارضه علماء فرنسا وناقضوا استنتاجاته بمقالات وبحوث عديدة ، فقد كان المعروف لدى كل اطباء العالم انذاك ان الامراض تتولد ذاتيا من جسم المريض بطريقة مجهولة ، ولم يتصوروا ابدا ان يكون السبب كائنات دقيقة تدخل الجسم البشري وتعيث به فسادا كما يزعم هذا الرجل الكيمياوي ، ولهذا عارضوا كل ما جاء به من استنتاجات ، وحاولوا تسفيه ارائه ونقضها ، ولكنه لم يعبأ بهم ، بل ثبت على رأيه ، وأثبت لهم عمليا صحة ما ذهب اليه وبطلان ما عارضوه به .
ولم يقف باستور عند هذا الحد في دراساته ، بل اهتم ايضا بدراسة اسباب البثرة الخبيثة ، والهيضة ، والكلب ، والخناق ، فاكتشف جراثيمها ، واستطاع ان يثبت ان هذه الجراثيم هي التي تنقل الامراض ، وتمكن من الحيلولة دون الاصابة بهذه الامراض باضعاف هذه الجراثيم بطرق خاصة واعطائها للناس الاصحاء ، فيكتسبون مناعة ضد هذا المرض .
ولم تقتصر بحوث باستور على جانب الطب والامراض فقط ، بل اكتشف ان صناعات الجبن والكحول ـ التي تشكل هي الاخرى موردا ماليا عظيما لفرنسا ، تعتمد هي الاخرى على انواع معينة من الجراثيم التي تقوم بعمليات التخمير وغيرها من العمليات الكيميائية التي تنتهي بتكوين هذه المواد ، وهكذا ميّز باستور بين الجراثيم الضارة التي تصيب الانسان بالمرض ، والجراثيم النافعة التي تخدم الانسان في مجالات شتى .
وقد احدثت اكتشافاته هذه انقلابا في الجراحة والطب ، فانهالت عليه الاوسمة والجوائز ، ومنح الرتب العالية ، وخصصت له الحكومة الفرنسية راتبا سنويا كبيرا تقديرا لاعماله ، وبعث اليه كثير من كبار الماليين الفرنسيين بمبالغ طائلة دعما لابحاثه الجليلة في مجال الجراثيم والامراض وطرق مكافحتها .
ولما بلغ السبعين من عمره ، احتفلت فرنسا بعيد ميلاده احتفالا لم يقم من قبل لملك او امير او قائد جيش ، وبادل هو وطنه فرنسا حبا بحب ، ومما يحكى عن وطنيته ، ان جامعة " بون " الالمانية قد منحته شهادة الدكتوراه ، فلمّا نشبت الحرب بين فرنسا والمانيا عام 1870 م ، طوى شهادة الدكتوراه واعادها الي الجامعة الالمانية ، احتجاجا على ما تصوره اعتداء المانيا على ارض بلاده .
وتوفي باستور عام 1895 م ، بعد ان انارت مباحثه جوانب فن الجراحة ، وازاحت الستار عن الجراثيم ، واظهرت علاقتها بالامراض ، وخلدت له اسما حميدا لن ينسى في تاريخ البشر .
وعند وفاته كتب عنه احد كتاب فرنسا الكبار يقول : (( اذا استحق امرؤ ان يقام له تذكار وطني عظيم ، فذلك هو " باستور " الكيميائي الوديع المتواضع ، الذي فعل اكثر مما فعل سواه في تقريب الزمن الذي تعم فيه الراحة والسعادة ، وهو احق من كل شهير ان يقال عنه : (( ان موته خسارة لبني الانسان )) .
:
(( ان اكتشافات باستور تساوي المليارات الخمسة التي دفعتها فرنسا غرامة لألمانيا بعد خسارتها في حرب السبعين )) .
تنعم البشرية اليوم بنعم شتى ، بعد ان سخر الانسان قوى الطبيعة لخدمته ، وكشف من اسرارها ما كشف ، فسهلت حياته وقلت متاعبه وتحقق بعض احلامه ، وكل ذلك بفضل رجال قلائل ، وهبوا المقدرة والذكاء ، واخلصوا الجهد والعمل ، ووقفوا حياتهم في سبيل خير الانسانية وتقدمها ، ومن هؤلاء … العالم الفرنسي " لويس باستور " .. مكتشف الجراثيم ومخفف الام البشرية .
كان باستور من اشهر علماء القرن التاسع عشر ، واعمقهم اثرا ، واكثرهم جلدا على العمل ، فكان شعاره طوال حياته .. العمل .. العمل ، وكان رجلا دمث الاخلاق ، لين العريكة ، متواضعا محبوبا .
ولد لويس باستور عام 1822 م ، من اسرة عادية متواضعة ، ولما اتم دراسته الابتدائية ، دخل مدرسة المعلمين في باريس ، غير ان صحته ساءت فلازم البيت .
ولما استرد عافيته ، عكف على العلم والتحصيل ، وأتجه بشكل خاص الى دراسة الطبيعيات والكيمياء ، الى ان نجح في نبل الشهادة العليا فيهما .
وقد عمل في هذا المجال ، واشتهر بالجد والاتزان في دراساته وابحاثه ، الى ان كلف يوما ان يبحث عن اسباب تاخر نمو دود القز وموته مبكرا ـ في وقت كان دود القز والحرير المستخرج منه يمثل موردا ماليا عظيما لفرنسا ـ ، فعكف على دراسة هذا الموضوع سنوات عديدة ، مستفيدا من الاختراع الذي كان قد دفع بالعلم خطوات الى امام … المجهر … او المكروسكوب .. الى ان اكتشف ان السبب هو وجود اجسام دقيقة جدا ـ ولم تكن تسمية الجراثيم وقتها معروفة ـ ، وان هذه الاجسام تصيب دودة القز في مراحلها الاولى وتنمو معها الى ان تصيب الفراش .
ولما عرض نتائج اعماله على المجمع العلمي الفرنسي ، عارضه علماء فرنسا وناقضوا استنتاجاته بمقالات وبحوث عديدة ، فقد كان المعروف لدى كل اطباء العالم انذاك ان الامراض تتولد ذاتيا من جسم المريض بطريقة مجهولة ، ولم يتصوروا ابدا ان يكون السبب كائنات دقيقة تدخل الجسم البشري وتعيث به فسادا كما يزعم هذا الرجل الكيمياوي ، ولهذا عارضوا كل ما جاء به من استنتاجات ، وحاولوا تسفيه ارائه ونقضها ، ولكنه لم يعبأ بهم ، بل ثبت على رأيه ، وأثبت لهم عمليا صحة ما ذهب اليه وبطلان ما عارضوه به .
ولم يقف باستور عند هذا الحد في دراساته ، بل اهتم ايضا بدراسة اسباب البثرة الخبيثة ، والهيضة ، والكلب ، والخناق ، فاكتشف جراثيمها ، واستطاع ان يثبت ان هذه الجراثيم هي التي تنقل الامراض ، وتمكن من الحيلولة دون الاصابة بهذه الامراض باضعاف هذه الجراثيم بطرق خاصة واعطائها للناس الاصحاء ، فيكتسبون مناعة ضد هذا المرض .
ولم تقتصر بحوث باستور على جانب الطب والامراض فقط ، بل اكتشف ان صناعات الجبن والكحول ـ التي تشكل هي الاخرى موردا ماليا عظيما لفرنسا ، تعتمد هي الاخرى على انواع معينة من الجراثيم التي تقوم بعمليات التخمير وغيرها من العمليات الكيميائية التي تنتهي بتكوين هذه المواد ، وهكذا ميّز باستور بين الجراثيم الضارة التي تصيب الانسان بالمرض ، والجراثيم النافعة التي تخدم الانسان في مجالات شتى .
وقد احدثت اكتشافاته هذه انقلابا في الجراحة والطب ، فانهالت عليه الاوسمة والجوائز ، ومنح الرتب العالية ، وخصصت له الحكومة الفرنسية راتبا سنويا كبيرا تقديرا لاعماله ، وبعث اليه كثير من كبار الماليين الفرنسيين بمبالغ طائلة دعما لابحاثه الجليلة في مجال الجراثيم والامراض وطرق مكافحتها .
ولما بلغ السبعين من عمره ، احتفلت فرنسا بعيد ميلاده احتفالا لم يقم من قبل لملك او امير او قائد جيش ، وبادل هو وطنه فرنسا حبا بحب ، ومما يحكى عن وطنيته ، ان جامعة " بون " الالمانية قد منحته شهادة الدكتوراه ، فلمّا نشبت الحرب بين فرنسا والمانيا عام 1870 م ، طوى شهادة الدكتوراه واعادها الي الجامعة الالمانية ، احتجاجا على ما تصوره اعتداء المانيا على ارض بلاده .
وتوفي باستور عام 1895 م ، بعد ان انارت مباحثه جوانب فن الجراحة ، وازاحت الستار عن الجراثيم ، واظهرت علاقتها بالامراض ، وخلدت له اسما حميدا لن ينسى في تاريخ البشر .
وعند وفاته كتب عنه احد كتاب فرنسا الكبار يقول : (( اذا استحق امرؤ ان يقام له تذكار وطني عظيم ، فذلك هو " باستور " الكيميائي الوديع المتواضع ، الذي فعل اكثر مما فعل سواه في تقريب الزمن الذي تعم فيه الراحة والسعادة ، وهو احق من كل شهير ان يقال عنه : (( ان موته خسارة لبني الانسان )) .
: